الذكاء الروحي

يستطعم سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا الخضر عليه السلام أهل قرية مرا عليها. فأبوا أن يضيفوهما. وعندما غادرا المدينة، يقيم سيدنا الخضر عليه السلام جداراً يريد أن ينقض. يستغرب سيدنا موسى عليه السلام لهذه المساعدة التي يقدمها سيدنا الخضر بلا مقابل، لأولئك الناس البخلاء، ويسأل بشغف عن السبب.
يوضح سيدنا الخضر عليه السلام في نهاية الرحلة عن السر العظيم. فقد كان يقبع تحت الجدار كنز مخفي لغلامين يتيمين لطيفين، وكان أبوهما صالحاً. وحينما يكبر هذان الولدان يستخرجان كنزهما من تحت الجدار. ولسوف يتم الحفاظ على الكنز تحت الجدار حتى بلوغهما إلى ذلك الوقت1. لقد خدم سيدنا الخضر عليه السلام طيلة العمر، أحابيل فتن القدر، وأحضر مكانها أمراً مفرحاً قادماً من عند الله.
هل فكرتم؟ يا ترى أي من الأمور المفرحة التي يمكن أن يقدمها مهيمن الكون لسيدنا الخضر عليه السلام أو للملائكة فيما يخص مستقبلكم؟. كيف يمكن أن تسألوا عن حكمة صاحب القدر البالغة، فيما يخص مستقبلكم، بدلاً من لجوئكم إلى أكاذيب العرافين؟ ألا يوجد رسائل مهمة لكم من الله الذي أوحى حتى للنحلة؟ كيف يمكن أن تقرءوا الرسائل الإلهية المرسلة إليكم عبر الأحداث؟ هل تعلمون لغة الكون التي تبث السعادة؟ ما هي حقيقة قلبكم الكاملة؟
سوف تبحثون في ” الذكاء الروحي” عن ردود لهذه الأسئلة المثيرة؟ سوف يفتح لكم كل قسم من أقسام هذا الكتاب آفاقاً مختلفة لأذهانكم يصاحبها الحيرة والتعجب. سوف أتحدث عن مجال مفهوم جديد ومثير، محير خارق للعادة ومُقوي للعزائم. فلتقروا عيناً ولتهنئوا بالاً.
لقد شهد سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا الخضر عليه السلام سوياً، وضعاً من أوضاع القدر التي يكتنفها الغموض. لقد خُلقت عقولنا ومنطقنا بالصورة التي نظرت
بها عيون سيدنا موسى عليه السلام إلى الدنيا. ولأننا مبتلون فمن الممكن أن يأتي النصر في ثوب الهزيمة، والهزيمة في زي النصر. لقد غُلفت الحياة بالحكم المثيرة التي يمكن أن تُرى بشكل جيد جداً بعيون سيدنا الخضر عليه السلام. وسوف يقدم لكم هذا الكتاب النظارة التي تمكنكم من النظر للحياة من خلال نافذة سيدنا الخضر عليه السلام. ولسوف تبدءون في الإحساس بدقائق الأمور العجيبة التي تحيط بكم.
ما هي أهم الوسائل التي تتشبثون بها لحياتكم ونجاحكم؟ لو كان الذكاء الذهني العاليIQ ) )هو الوسيلة، فلماذا لا يستطيع الإنسان الخارق الذكاء، أن يتمسك بالحياة؟ أما لو كانت الوسيلة هي الذكاء العاطفي((EQ ، فلماذا يرحل الإنسان الذي يوصف بأنه غاية في الاحترام واللطف، ويُطوى في زاوية النسيان؟، وإن كانت الوسيلة هي العمل بكثرة، فلماذا تظهر النتيجة بخفقان بعضهم وفشلهم؟ وعلى الرغم من أنهم جميعاً لهم أهمية، إلا أن من بينها حالة واحدة هي الأهم: نحن نتحدث عن فهم القدر وأعماق ما وراء الطبيعة، وعن مهارة النظر لأوضاع الأحوال الميتافيزيقية. وعلى هذا الأساس، نطلق اسم الذكاء الروحي (SQ) على هذه المهارة.
لو انهار ما فعلتموه سريعاً، وأصاب العطب ما أنتجتموه على الفور، ولم تستطيعوا الخلاص من الخلل والعوائق، فهذا يعني أنه قد ولى زمن إلقاء أبصاركم على ذكائكم الروحي.
يشرح الخبراء لنا مجموعة حاشدة من نماذج النجاح، فنجربها ونستخلص منها جميعنا نتائج مختلفة. ذلك أنهم عندما شرحوها لنا كانت هناك حالة واحدة مبهمة لم يستطيعوا شرحها لنا: ألا وهي أبعاد القدر. ويدعي هذا الكتاب أنه أزاح الستار قليلاً عن هذه الأبعاد التي يكتنفها الغموض.
افترضوا أنكم تأهبتم للاستعداد من أجل الدخول لأمر مهم. وليكن من أجل الارتقاء في العمل ورفع دخلكم المادي، وكانت أسرتكم وكل المحيطين بكم ترغب كثيراً في دخولكم لذلك الأمر. فماذا تستطيعون فعله من أجل عبوركم للامتحان الشفوي والتحريري وإحرازكم لدرجة القبول فيه؟ دعونا نجيب وفقاً للدرجات الثلاثة المختلفة للذكاء:
فمن ناحية الذكاء الذهني( Q I): أنتم تطورون ذاتكم من أجل القدرات التي يقتضيها العمل. وتثقفون أنفسكم في مجالات مثل التحكم في حركات البدن، ومصطلحات الإدراك الشفهي والتعبير والمفاهيم البصرية والمنطقية والرياضية والموسيقية والفضائية. وتقرءون المؤلفات التي يقتضيها هذا المجال وتتلقون تعليماً بخصوصها. ويؤثر رقي ذكاؤكم الذهني، على زيادة فرص قبولكم للعمل.